منتديات متارسوس
اهلا وسهلا بك عزيزي الزائر في منتدي قطرات لامل

ان كنت عضو رجائا قم بتسجيل دخولك الى المنتدى

وان كنت زائر نتشرف بتسجيلك معنا بالضغط على تسجيل في االاعلى
منتديات متارسوس
اهلا وسهلا بك عزيزي الزائر في منتدي قطرات لامل

ان كنت عضو رجائا قم بتسجيل دخولك الى المنتدى

وان كنت زائر نتشرف بتسجيلك معنا بالضغط على تسجيل في االاعلى
منتديات متارسوس
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات متارسوس

اهلين وسهلين نورتو المنتدي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
 السلام وعليكم اعضاء منتديات قطرات الامل  تم افتاح قسم خاص لطلاب معهد الفنون الجميله
علي جميع الاعضاء التواجد في المنتدى والرد علي المواضيع
علي جميع الاخوه المشرفين التواجد في المنتدي والا سوف تسحب الاشراف من الجميع

 

 ليلة التوبة .. ؟؟

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
????
زائر
avatar



ليلة التوبة .. ؟؟ Empty
مُساهمةموضوع: ليلة التوبة .. ؟؟   ليلة التوبة .. ؟؟ I_icon_minitimeالثلاثاء مايو 15, 2012 6:37 pm


لم يكن لحسان خيار آخر سوى الموافقة على قطع رجله اليسرى بعد أن أعلمه الطبيب أن ساقه لم تعد صالحة لأن (الغرغرينا) قد استفحلت فيها.
آخر ما كان يتوقعه أن تكون نهايته المأساوية بهذا الشكل.
- (سيقطعون رجلي؟! لن يكون بإمكاني السير عليها، لن يكون بإمكاني العمل، سأصبح عاطلا).
كان حسان وحيدا في غرفة العمليات، لم يزره أحد منذ دخل المستشفى سوى زوجته التي عادت إلى البيت كي تكون بجانب الصغار، سيواجه مصيره بنفسه.
الممرضات حوله يحاولن تهدئته والتقليل من مخاوفه.
- خل إيمانك بالله قويا، إن شاءالله ستكون بخير.
بعد دقائق كان حسان في غيبوبة تحت تأثير المخدر وبعد أن بدأ يستيقظ من تأثيره كانت رجله قد قطعت إلى الأبد، نقل إلى غرفة فيها بعض المرضى الآخرين الذين يئنون من المرض، لم يكون حوله أحد من أقاربه فقد برروا غيابهم عنه بانشغالهم في ذلك اليوم ووعدوا بزيارته فيما بعد.
ما أسوأ أن يصحو المريض من المخدر فلا يرى أحدا حوله، إنها لحظات تزيده ألما وحسرة، في تلك اللحظة يرى الإنسان من حولهالناس على حقيقتهم، بألوانهم الطبيعية فيعرف أيهم الذي يتمتع بجمال الطبيعة وأيهم المزيف.
بدأ حسان يتحسس رجله، الآن تأكد أنها لم تعد موجودة.
ست شهور مرت على حسان وهو جالس في البيت بدون عمل فقد فصل من عمله السابق، مع شركه النقليات التي كان يعمل بها، وضاع المبلغ الذي منحوه إياه تعويضا عن سنوات خدمته.
حاول أن يشد من عزيمة أولاده الصغار الذين بانت على وجوههم الكآبة بسبب وضع والدهم الصحي، كان لحسان أربعة أطفال ولدان وبنتان أعمارهم (سنة، وثلاثة، خمسة، وسبعة أعوام).
طرق كل الأبواب لكنه لم يحصل إلا على الفتات، كان يبحث عن عمل فلم يوظفه أحد.
في أحد الأيام وبينما كان يسير في أحد الأسواق على عكازين شاهد شابا يحمل هاتفا خلويا يعرضه على المارة لاستخدامه مقابل (75) قرشا للدقيقة الواحدة. راقت له الفكرة وقال لنفسه، إنها فرصة للعمل دون الاستعانة بأحد.
اشترى حسان جهازا خلويا بعد أن استدانت زوجته ثمنه من صديقات لها وتعلّم كيف يستخدمه ويعرف حساب الدقائق المستخدمة، ثم بحث له عن مكان في أحد الشوارع التي تزدحم بالمارة، فجلس على أحد الأرصفة ووضع عكازه بجانبه ثم علق ورقة كبيرة كتب عليها:
(الدقيقة بخمسين قرشا).
كان بعض المارة يعطف عليه فيستخدمون الجهاز، بعضهم يترك له بعض القروش زيادة، شعر بالسعادة لأنه أصبح يعود إلى البيت ببعض المال لزوجته لتشتري المواد الأساسية للعائلة. ومع الأيام بدأ يتعود على الوضع.
تحسنت نفسيته، فقد صار يعمل من الصباح الباكر حتى ساعة متأخرة من الليل، ما أجمل أن يعمل الإنسان فلا يعود عالة على أحد. إنه يكبر أمام زوجته وأولاده يكبر أمام جيرانه وعائلته. إنه يكبر أمام نفسه فلا يعود يشعر بالإحباط، والمذلة. إنه ينظر الآن إلى الحياة نظرة مختلفة، نظرة أكثر تفاؤلا. اليوم بدأ يفكر كيف يؤمن مستقبل أولاده، يا له من مستقبل غامض يعتمد على مهنة غير مضمونة.
في أحد الأيام مر عليه أحد المارة يطلب استخدام الهاتف، كان شابا في العشرينات من عمره، حمل الخلوي وبدأ يتصل:
- ألو، أيوه يا شوقي، أنت فين؟ فين؟
وبدأ الشاب يمشي بالمحمول يتلفت حوله ويقول للشخص الآخر:
- أنا مش شايفك، أنت فين بالضبط؟ أنا واقف جنب الرجل بتاع المحمول اللي على الشارع، أنت فين؟ أنت لقدام (5) محلات، طيب استنى أشوف.
وبدأ يسير بالمحمول، صاح عليه حسان:
- يا عم رايح فين بالمحمول؟
لم ينتبه له الزبون واستمر في المشي وهو يقول:
- أنا قربت عليك، بص أنا لابس....
فجأة هرب الشاب بالمحمول، وقف حسان بعكازه يحاول اللحاق به وهو يصيح: «المحمول المحمول»، لكن لم يستطع أحد مساعدته فقد كان الشاب قد اختفى عن أعين المارة، غضب حسان وشعر بالإهانة، حينها أحس أنه عاجز تماما.
- آه لو كانت رجلي معي للقنته درسا لن ينساه طيلة حياته، أنا حسان يحصل لي هكذا؟ لعن الله العجز ما أسوأه، لو كنت برجلي الثانية لما تجرأ أصلا على فعل فعلته السوداء، هكذا الناس دائما يهاجمون الضعيف لأنهم لا يشعرون بانتصاراتهم إلا عليه، الضعفاء هم الأكثر تعرضا للظلم في هذا العالم، كل الناس لها مخالب تدافع عن أنفسها إلا العجزة مثلي فمخالبهم يكاد تسمح لهم بحك جلودهم.
جلس على الأرض، لاعنا حظه، مستعيدا سنوات حياته كلها، باكيا لمصيره المظلم.
كان المارة يرون دموعه المنهمرة على خدوده، بعضهم رق لحاله فرموا له ما تيسر من القروش معتقدين أنه شحاذ.
بعد ساعة تجمع لديه الكثير من القروش، جمعها ليعوض بها خسارته الباهظة في ذلك اليوم.
كان متعبا، محبطا فظل جالسا على الأرض كأن فكرة الشحاذ راقت له. وبينما هو مهموم حزين شارد البال توقفت امرأة تلبس نظارة سوداء كانت خارجة من أحد المحلات التجارية القريبة فرمت إليه عشرين جنيها،
نظر فورا إليها وقال:
- عشرون جنيها؟ لماذا هذا؟
رفعت النظارة عن عينيها وقالت له
- إنها لك؟
- لي أنا؟
دقق النظر في وجهها، ارتعب منها، اهتز بدنه ثم قال لها:
- لا لا، أنا لا أستحق ذلك، خذي أموالك، الله ما بيني وبينك، ثم أعاد لها فلوسها.
أخذت منه الفلوس وغادرت المكان وهي تتعجب لهذا الشحاذ الغريب.
حاول حسان في اليوم التالي أن يشتري جهازا جديدا خلفا للأول لكنه لم يستطع، فالأسعار ارتفعت ولم يعد يملك ثمن جهاز جديد فعاد إلى محطته القديمة في السوق لعل أحدا يعطف عليه كما عطفوا في اليوم السابق. إنه الآن يمارس مهنة جديدة دون أن يدري. يمارسها خجلا لكنه لم يجد بديلا عنها، بعد الظهر مرت سيارة مرسيدس ثم فجأة توقفت بجانبه، نزلت منها فتاة عشرينية قدمت له عشرين جنيها ثم انصرفت.
لم يصدق عينيه.
- عشرون جنيها يا إلهي! ما هذا الذي هبط علي من السماء؟ أشكرك يا رب.
- ألقي القبض عليها ودسها في جيبه حالما بشراء بعض الحلويات للأولاد.
في اليوم التالي عادت نفس السيارة توقفت بالقرب منه نزلت منها هذه المرة امرأة في الخمسين من العمر، شخصية جذابة من شخصيات المجتمع تقدمت منه وألقت إليه بعشرين جنيها، انتبه إليها حسان رفع عينيه ليرى من المتبرع الجديد، دقق فيها جيدا، هي نفسها المرأة التي جاءت قبل يومين بالنظارات السوداء، كان الصليب يظهر على صدرها وعيناها تشعان نورا، لم يستطع أن يقاومه اهتز بدنه.
- ما الذي أعاد هذه المرأة إليه؟ أهو الله؟
قال لها:
- لا لا أستحق فلوسك يا ست.
وقبل أن يعيد لها المبلغ كانت قد غادرت المكان.
ظل حسان متوترا طوال النهار يفكر في إعادة المبلغ لها. نعم هو بحاجة المبلغ لكنه يشعر أنه لا يستحقه.
- يا حسان إنها هبة السماء، أولادك أحق بها، لا إنها أموال لا أستحقها، سأعيدها لها، سأعيدها لها.
في اليوم التالي كانت المحامية فيولا في مكتبها عندما دخلت عليها السكرتيرة تقول لها:
سيدتي رجل كسيح في المكتب يصر على رؤيتك، مدعيا أنه أمر هام، يبدو أنه شحاذ.
انتصبت فيولا في جلستها وأمرتها أن تدخلة.
دخل حسان إليها، بادرها بالتحية:
- السلام عليكم.
- وعليكم السلام.
- هذه فلوسك يا ست فيولا، أرجو أن تقبلي اعتذاري أنا بخير والحمد لله.
استغربت فيولا تصرفه، لماذا جاء إلى المكتب يعيد لها الفلوس؟
ألم يأخذ نفس المبلغ من ابنتها؟ سألته:
- لماذا أعدت المبلغ؟ لا بد أن وراء تصرفك سرا غريبا ما الأمر؟ أرحني!
كان حسان يتفقد مكتبها بعيونه، هذه صورتها مع زوجها الصحفي سمير الذي كان أشهر صحافي عرفته المدينة.
نفس الوجه نفس الملامح، لم يترك فاسدا إلا ونشر فضائحه ولكن عندما بدأ ينتقد رئيس البلدية اختفى من الساحة. لا أحد يعرف أين هو إلا الجناة الذي ارتكبوا جريمتهم، قال لها:
- لا ليس هناك سر، أنا لست شحاذا لكن الظروف رمتني هناك بعدما سرقوا مني المحمول الذي كنت أعيش منه.
- هل تريد العمل؟
- أين؟
- هنا؟
- أتسخرين مني؟
- كلا والله، أنا جادة في كلامي.
- وماذا سأعمل؟
- سترد على التلفون وتحول لي المكالمات، ستعلمك السكرتيرة ماذا تفعل.
- هل ستطردينها؟
- لا ستعمل معها.
وافق حسان مسرورا على العرض، ستكون له وظيفة يعيش منها بشرف، وفي اليوم التالي كان حسان في مكتب المحامية فيولا يرد على الهاتف، لقد أعاد العمل له كرامته المهدورة أمام أولاده وزوجته، شعر براحة شديدة، وهدأت ثورته الدائمة على العالم. لم يكن يقلقه سوى صورة زوجها الصحفي المعلقة في المكتب، لا يدري لماذا كلما نظر إليه أصابته قشعريرة.
- آه لهذا الزمان، كيف كان زوجها سمير يهابه الكل لكنهم تآمروا عليه وأسكتوه إلى الأبد. يا لهذا القدر، الناس الشجعان الشرفاء لا يعيشون طويلا، لأن الفاسدين يتآمرون عليهم، يتكالبون عليهم، يحكمون أفكاكهم على رقابهم الغضة.
لماذا لا يحدث العكس؟ لماذا يا رب؟ لماذا لا يتكاتف الشرفاء على الفاسدين فيلقونهم أرضا؟ لماذا الفاسدون هم الذين يتحدون؟ الناس مثل قطعان الحيوانات الهاربة من أسد مفترس، كل منهم يريد أن ينجو بنفسه.
ترى عشرات الغزلان، والأبقار، وما شابه هاربة من حيوان مفترس واحد، لماذا يهربون منه؟ ألأنهم لا يملكون أنيابا كأنيابه، ومخالب كمخالبه؟ هل جربوا أن يهجموا عليه كلهم؟ لا لا يريدون لأنهم قرروا أن يظلوا مشتتين، لا يثقون بقدرتهم وإمكانياتهم لو توحدوا ضد عدوهم.
لكنهم حيوانات لا يفكرون يا حسان؟
وهل البشر أفضل حالا؟ ماذا تفعل الملايين المستضعفة؟
اقترب من الصورة قليلا وقال متمتما:
- كم من الجنود المساكين ينفذون قرارات رؤسائهم ويقتلون مساكين مثلهم دون أن يعرفوا لماذا قتلوهم؟!
مر عام على وجود حسان في مكتب المحامية فيولا، كان راتبه مغريا لشخص مقعد مثله لا يحمل شهادة، لهذا كان يخدمها بإخلاص، كان يشعر أنه مدين له بالكثير، لا يعرف كيف يرد إليها هذا الجميل بغير جده واجتهاده،
هذا الأسبوع يصادف الذكرى العشرين لاختفاء زوجها الصحفي سمير وقد قررت إقامة احتفال تأبيني في قاعة إحدى القاعات، ودعت حسان أن يحضره لأنه سيكون يوم إجازة مدفوعة الأجر.
لم يستطع حسان الاعتذار مع أنه لا يحب المشاركة في تلك الاحتفالات حتى لا يسجل الكبار اسمه في قوائمهم بأنه من الداعين لمحاربتهم. فهو لا ينظر خلفه ليرى ماذا حل بغيره. إنه واحد من الذين يواصلون الهرب حتى يصلون إلى بر الأمان. ليس لبر الأمان مكان محدد، إنهم يعرفون ذلك بحسهم الغريزي فالحيوان المفترس لن يتوقف عن ملاحقتهم إلا عندما يشبع جوعه المؤقت. بر الأمان مجرد مرحلة زمنية، تتغير باستمرار.
في احتفال تأبينه، تحدث الخطباء عن مناقب الصحفي سمير وشجاعته في مواجهة الفساد، وأدانوا الجهة التي تقف خلف اختطافه، وتقاعس السلطة عن اكتشاف الجناة وملاحقتهم. في كلمة له قال الصحفي عبدالله:
- لقد حقق الفاسدون انتصارا بإسكات صوته، ويحققون كل يوم انتصارا جديدا بشراء ذمم الضعفاء الذين تغريهم الفلوس فيتخلون عن واجبهم، لكن انتصارهم لن يكون أبديا فلا بد لكلمة الحق أن تعلو يوما وتنتصر وتسحق كل الطغاة!
هز حسان رأسه.
- هذا ما يقوله الضعفاء في كل زمن، لكني لا أرى إلا نفس الصورة أسيادا وعبيدا. تتغير الأسماء، والألوان وتبقى الحقيقة التي لا فرار منها أشخاص يركبون على أكتاف غيرهم.
أما فيولا فقد كانت آخر المتحدثين، كانت كلمتها مؤثرة تخاطب الوجدان والقلوب والضمائر:
«يا من خطفتم سمير وقتلتموه لأنه أحبكم، دلوني على مكان جثته، أعدكم أنني لن أشي بكم إلى الشرطة، لن ألاحقكم ِلأن ملاحقتكم لن تعيده لي حيا. أعيدوا جثته ليطمئن قلبي، أعيدوا عظامه لكي أكحل بها عيوني قبل وفاتي، ولكي تلمسها ابنته التي يتمتموها طفلة قبل أن تستطع لفظ كلمة بابا.
أيها المغرر بهم الذين نفذوا جريمتهم لحساب الكبار مقابل بعض الجنيهات وفتات الموائد، دلوني على مكان دفنه لعل الرب يغفر لكم خطاياكم كما غفرها سمير لكم عندما كان يزورني في أحلامي، لقد ضربتموه على خده الأيمن فأدار لكم خده الأيسر، ترككم تنفذون جريمة أسيادكم لتقبضوا ثمن قتله، وتشتروا بها طعاما لأولادكم.
إنني أعلن من هذا المنبر عن جائزة مقدارها نصف مليون جنيه لمن يدلني على مكان دفنه، وأعده أن لا أشي به ولن ألاحقه، ليتصل بي على مكتبي وليحدد طريقة إنجاز المهمة.»
كان حسان يبكي بكاء مرا لكلمة المحامية فيولا، لقد هاجمت الجناة في أعماقهم، قتلوه ليطعموا أولادهم من دمه، نفذوا جريمتهم لحساب الكبار المتربعين في مكاتبهم والذين لا يعرف أحد أسرارهم.
كانت الصحف في اليوم التالي تنشر خبر الاحتفال وصورة الصحفي المفقود سمير والمكافأة التي حددتها زوجته لمن يدلي عن مكان دفنه.
المحامية فيولا لا تعرف إن كان لا يزال حيا أم ميتا لكنها لم تعد تتوقع أن يكون حيا، فالمختطفون لا مصلحة لهم في الحفاظ على حياته طيلة هذه السنوات الماضية.
سألها حسان:
- ألا تعتقدين أنك تدفعين مبلغا كبيرا ما دمت تعتقدين أنه ميت؟
- عظامه مقدسة لدي، لن أستريح حتى ألمسها وأقبلها قبل أن أواريها التراب بيدي.
- كيف ستعرفين أنها له.
- بالفحص العلمي.
- يا لهذا الوفاء العظيم، لو كنت أعرف مكان دفنه لساعدتك في الوصول إليه دون مقابل، لعن الله القتلة.
بعد أيام رن جرس الهاتف، رد عليه حسان، فطلب المتحدث التحدث مع المحامية فيولا، سأله حسان:
- اسمك لو سمحت؟
- قل لها عطية.
- ألديك قضية لديها؟
- لا، هي التي لها قضية عندي.
- لم أفهم.
- بلغها أنني سأتحدث معها بخصوص زوجها المختفي، أسرع ولا تضيع الوقت.
- حاضر، حاضر.
حول حسان المكالمة إلى مكتبها فورا دون أن يعلمها لكي لا يضيع الوقت.
- سيدة فيولا أنا عطية، قرأت إعلانك عن المكافأة، إن أحببت لعقد صفقة تسلميني المبلغ فأدلك على جثته، إن خدعتني وبلغتِ الشرطة سوف أقتلك، وإن لم أستطع سيقتلك رجالي، وإن التزمت بالاتفاق كل منا يذهب إلى حاله.
- اقسم أنني لن أخدعك، لكن لا تخدعني أنت وتقدم لي عظام شخص آخر، سأفحصها.
- أنا رجل يحترم تعهداته، اسمعي، اذهبي فورا إلى مطلع الشارع حيث يقع مكتبك، ستجدين كابينة هاتف عمومي انتظري حتى اتصل بك عليه.
ذهبت فيولا بسرعة إلى حيث أشار لها، اتصل بها فور وصولها.
سيدة فيولا احضري المبلغ غدا الساعة العاشرة صباحا وسأنتظرك في شارع صلاح قرب مطعم السلام. لا تتأخري، انتظريني قرب الإشارة سأكون لابسا بنطلونا أسود وقميصا أخضر. لا تحضري معك أحدا.
لا تخافي إن لم تخدعيني لن أخدعك، أغلق الهاتف وأنهى المكالمة.
في اليوم التالي تحركت فيولا في سيارتها تحمل في حقيبة صغيرة المبلغ المطلوب، متوجهة إلى لقاء عطية، وهي لا تعرف إن كانت ستعود سالمة من لقائها معه. كان أخوها مراد قد نصحها ألا تذهب لأنها تخاطر بحياتها لكنها قالت له:
- بعد سمير لم أعد أخاف الموت، لعلني ألتقي به في العالم الآخر ليرحمه الرب.
وعندما طلب منها تبليغ الشرطة حذرته بأن ذلك قد يفشل الخطة ويعرضها للخطر. ونصحته أن لا يتبعها لكنها اتفقت معه أن تظل على اتصال دائم معه عبر هاتفها الخلوي كلما سنحت الفرصة.
- أنت تغامرين بنفسك.
- من أجل سمير.
- ومن يدريك ربما يلحقوك به.
- أكون قد حققت حلمي، أوصيك يا مراد بابنتي إن لم أعد.
ودعها وهو يبكي، ولام نفسه بعد مغادرتها لأنه لم يمنعها، هل يبلغ الشرطة أم أن الوقت متأخر؟
وصلت فيولا إلى المكان المتفق عليه فشاهدت ثلاثة رجال يقفون قريبا من الإشارة الضوئية، كل واحد منهم يلبس بنطلونا أسود وقميصا أخضر. احتارت أيهم يا ترى؟ كيف ستعرفه؟ لا بد أنه قاتل محترف يجيد التمويه.
اقترب منها أحدهم وقال لها:
- والنبي ممكن تسلفيني عشرة جنيه؟
استغربت سؤاله، وتساءلت هل هذا هو يا ترى؟ سألته:
- أهو أنت؟
هل تعرفيني من قبل؟
قالت في نفسها، يبدو أنه ليس المقصود، ثم قالت له:
- اتكل على الله وشوف حد ثاني.
تقدم الثاني وقال لها:
- الساعة كم لو سمحت؟
نظرت إلى الساعة ثم قالت له:
- الساعة العاشرة تماما.
لا بد أنه الثالث إذن، تقدم الثالث نظر إليها من الشباك المفتوح فقالت له:
- هل أنت عطية؟
- عطية؟ لا يا حلوة أنا شوقي بس أعجبك.
لم تعد تستحمل، «ما هذا العذاب يا رب؟!»، ثم بدأت تتمتم.
- يا أبانا الذي في السماء أعني وسهل لي أمري.
فتح الباب الخلفي ودخل إلى المقعد الخلفي رجل في الخمسينات من عمره وقال لها:
- مصر الجديدة إذا سمحتِ.
- ده مش تكسي يا فندم.
- اطلعي يا فيولا، بلاش تأخير، أنا عطية.
- عطية؟ لكن......
- لم ألبس كما اتفقنا... لا تقلقي الاحتياط واجب خليكِ دغري وعلى التقاطع القادم اذهبي إلى اليمين وتوقفي هناك، سأسوق السيارة بدلا منك.
وبعد أن جلس مكانها تحرك بالسيارة إلى المكان المجهول، سألها:
- هل أحضرت الفلوس؟
- نعم أحضرتها.
- أين هي؟
- في هذه الشنطة.
- حسنا: هل أخبرت أحدا؟
- لا.
- جيد، إن خدعتني سيقتلك رجالي ويقتلون ابنتك وإن حافظت على السر بعد ساعات سيكون كل منا في بيته.
- أرجو ألا تخدعني أنت.
- عطية لا يخدع أحدا، لكن الآن يجب أن تغلقي عيونك حتى لا تعرفي أين نحن ذاهبان.
- هل ستعصب عيني؟
- لا فسوف ينتبة المارة لكني أحضرت معي الحل، البسي هذه النظارة.
وناولها إياها.
- كانت النظارة سوداء لا يرى المرء شيئا من خلال زجاجها. قالت له:
- إنها سوداء قاتمة.
- حسنا إن خلعتها تكوني قد أخلِيت بالاتفاق فآخذ الفلوس والسيارة وأرميك في الطريق. لا تخلعيها حتى آمرك.
مفهوم؟
- أمرك يا عطية.
- هل معك هاتف خلوي.
- نعم.
- أعطني إياه.
حمله وأغلقه، ونزع البطارية عنه ووضعه في السيارة.
في الطريق كانت فيولا تناجي الرب بأن يساعدها ويعيدها سالمة إلى ابنتها. فجأة تجرأت وسألته:
- لماذا قتلت سمير يا عطية؟
فقال لها:
- أنا لم أقتله.
- هل هو حي إذن؟
- لا طبعا، هل أنت مجنونة لم أقل لك إنه حي لقد قلت إنني لم أقتله.
- من قتله إذن؟
- هذا لا يعنيني.
- هل تعرف لماذا قتلوه؟
- اسألي من قتله.
- وما دورك أنت؟
- أنا كلفت بإخفاء الجثة فقط، أنا الوحيد الذي يعرف مكانها حتى الذين قتلوه لا يعرفون مكان جثته. توقفي عن الاسئلة، نحن لم نتفق على الثرثرة.
بعد ساعتين وصلا المكان المتفق عليه، أوقف السيارة، وقال لها الآن انزعي النظارة، خلعتها لترى نفسها أمام جبل كبير، خرج من السيارة وطلب منها اللحاق به، صعدت معه إلى مغارة كان بابها صغيرا ومظلمة بعض الشيء وشكلها مخيف، كأنها مكان للوحوش الضارية. كانت دقات قلبها تزداد بسرعة، يا لهذا المكان المخيف، هل دفنوك هنا يا سمير؟ أخرج عطية مصباحا كهربائيا من جيبه ثم أشار لها بالنور المنبعث من المصباح إلى جثته نظرت إليه تدقق إن كان هو. كان هيكلا عظميا وبقايا ملابس. عرفته من بقايا ربطة العنق الحمراء وخاتم زواجها الذي كان ملقى على التراب. تساءلت لماذا لم يسرق الجناة خاتمه الذهبي؟ سألت عطية:
- لماذا تركت خاتمه ولم تسرقه؟
- عندما كلفنا بنقله لإخفاء جثته كان داخل كيس أبيض، وطلب منا عدم فتح الكيس والتزمنا بالأوامر.
وضعت يدها تتحسس عظامه. حملت جمجمته قبلتها، لا زالت تتذكر آخر يوم غادر فيه البيت إلى العمل سألته لماذا ربطة العنق الحمراء فقال لها:
- ليوافق لون أحمر الشفاه الذي تلونين به شفتيك الجميلة.
اقترب منها وطبع قبلة على شفتيها ثم غادر البيت ولم يعد.
كانت تبكي بحرارة، تتمنى لو يعود ولو للحظة تودعه فيها الوداع اللائق.
- أبانا الذي في السماء خذني إليه باسم المسيح خذني إليه ولا تتركني وحدي بين المجرمين.
قال لها عطية:
- لا تضيعي الوقت يا فيولا.
استدارت إليه فرأته يبكي، قالت له:
- كيف تبكي وأنت الذي جئت به إلى هنا؟
- لا تسأليني عن شيء كيف ستنقلين عظامه من هنا؟
- يوجد معي كيس في السيارة اذهب واحضره.
- ألا تخشين ألا أعود؟
- لو كنت ستتركني لتركتني في الطريق.
- قلت لك لن أخدع أحدا.
بعد عودتها بعظامه ووصولها الطريق الرئيسي أوقف عطية السيارة وقال لها.
- سأنزل الآن من السيارة ومعي شنطة الفلوس. بعد خمس دقائق تخلعين النظارة، وتواصلين السير، لا تخلعيها قبل ذلك.
تركها واستقل سيارة كانت تنتظره واختفى عن الأنظار.
بعد انتظار عدة دقائق لا تدري فيولا كم كان عددها خلعت نظارتها، واتصلت بأخيها لتخبره أنها عادت بسمير وطلبت منه انتظارها في البيت.
- فيولا هل أنت بخير؟ لا أصدق هل سمير معك؟
قالت له باكية:
- نعم إنه معي في مؤخرة السيارة، سأكون في البيت لنودعه قبل أن ننتقل به إلى الكنيسة. لا تقلق علي، أنا وحدي في الطريق إلى البيت.
في صباح اليوم التالي كانت عظامه في تابوت خشبي مغلق استعدادا للقداس الجنائزي قبل نقله إلى مثواه الأخير مرة أخرى. كان أقاربها وأقارب زوجها وأصدقاؤها ومعارفه محبوه قد حضروا بعدما سمعوا بخبر وصول جثمانة.
كلهم كانوا يتساءلون، كيف وصلت إليه؟ كيف عرفت أنه هو؟ كانوا يسألونها:
- لماذا لا تعرضيه على الفحص الجنائي.
كانت ترد عليهم ببساطة معهودة:
- لقد ألهمني الرب أنه سمير، ربطة عنقه الحمراء، رائحة عظامه طول جثته. خاتم زواجنا، لن تخفى علي حتى عظامه.
- بعد انتهاء القداس اقترب منها أحد رجال الأمن في ثياب مدنية وهمس في أذنها.
- سيدة فيولا: نريدك في القسم لأمر هام.
نظرت إليه وقالت:
- إن كنتم ستسألوني عن كيفية الحصول على الجثة فليس لدي أية معلومات.
- لا أعرف لماذا يريدونك، لكن ثقي إنها أخبار أكثر أهمية.
هزت رأسها.
- وماذا تكون الأكثر أهمية؟ عودته حيا؟
حسنا سأحضر يوم الغد صباحا.
في اليوم التالي كانت الصحف تنشر خبر الصحفي سمير الذي عادت جثته بعد عشرين سنة وتنتقد الحكومة لأنها مقصرة في الكشف عن مصير المخطوفين الآخرين.
إحدى الصحف كتبت في تعليقها : «كيف تستطيع المحامية فيولا وحدها إعادة عظام زوجها المخطوف بعد عشرين سنة، وتعجز عن ذلك حكومة بمئات الآلاف من رجال الأمن السريين والعلنيين وآلاف البنادق وسيارات الأمن…؟»
صباح اليوم التالي كانت فيولا لدى قسم الشرطة حيث سألها المقدم جلال عن الشخص الذي دلها على مكان الجثة، فردت عليه:
- ألم تغلقوا ملف سمير منذ (19) سنة فلماذا تعيدون فتحه.
سكت ثم قال لها:
- حسنا سأريك شخصا تعرفينه لعلك بعد ذلك تغيرين رأيك.
أخذها إلى غرفة أخرى، فتح الباب ودخلت خلفه، فوجئت أن عطية يجلس هناك مقيدا.
قالت لنفسها:
- يا إلهي كيف ألقوا القبض عليه؟ قد يعتقد أنني وشيت به فيلاحقني رجاله.
قالت للمحقق:
- لماذا أحضرتني إلى هنا؟
- ألم تعرفي عطية؟ سيدة فيولا إنكارك سيحمي المتهم.
لقد كشفنا عصابة كبيرة تسببت في قتل الكثير من الأبرياء بطلها رئيس البلدية السابق. كلهم الآن في السجن.
فجأة تحدث عطية قائلا:
- أنا ليس لي علاقة بشيء، ولا أعرف من عطية هذا.
- والفلوس التي وجدت معك، من أين جاءت إليك؟ من السيدة فيولا طبعا.
- كلا، إنها فلوسي.
- حسنا فلوسك من أين؟ ألا تعرف أن أرقام الفلوس عندنا؟ لقد سجلناها عندما طلبتها فيولا من البنك ثم استدار لفيولا:
- سيدة فيولا، الفلوس التي سحبتها من البنك لدينا أرقامها فقد قدم مدير البنك كشفا بها إلى الشرطة لأنه اشتبه بسحب هذا المبلغ الكبير نقدا من فيولا التي لم تتعود خلال طيلة معاملتها أن تسحب مثل هذا المبلغ نقدا.
صمتت، شعرت أن لا داعي لإنكارها فهي محامية وتعرف القانون. سألته:
- كيف عرفتم عطية، هل كنتم تلاحقونني؟ لا يمكن.
- لا لم نلاحقك لكن الذي لاحق سيارتك كان موظفا لديك وعندما رآك في سيارتك تقلين عطية حضر بسيارة التاكسي إلينا وقدم اعترافا بكل شيء.
- من تقصد؟ حسان؟
- نعم حسان هو الذي ساعدنا.
- لكنه أعرج.
- كان يستقل عربة أجرة (تاكسي) حتى صعد عطية معك وتعرف عليه. وقد انتظرناه في بيته ما أن عاد حتى قبضنا عليه.
- وماذا عرفتم غير ذلك؟
- رئيس البلدية السابق كان من أصدر الأمر بخطف زوجك سمير فقام حسان وشخص آخر معه باختطافه. وقد أصدر رئيس البلدية السابق أمرا بقتله ونفذ القرار شخص آخر مساعدا له اسمه خليل، وبعد قتله أوكل إلى عبد الغفور المعروف الآن بعطية مهمة دفن الجثة.
أصيبت بدوار، كادت تسقط، جلست على الكرسي، طلب المحقق من الشرطي نقل المتهم إلى زنزانته.
أفاقت فيولا واستعادت وعيها، لم تصدق.
(حسان هو الذي خطف سمير؟!! حسان الذي يعمل عندي. الآن عرفت لماذا كان يقول لي: «لا لا أستحق هذه الفلوس»، كأنه كان يشعر بالندم لما فعل. لكن لماذا لاحقني وسلم عطية واعترف بما حصل؟ لماذا يعرض نفسه للخطر الآن دون سبب. فلا أحد يشك به).
سألت المحقق:
- هل لي برؤية المتهم حسان.
طلب المقدم من الشرطي إحضار المتهم حسان.
دخل حسان بعكازتيه، وعندما رآها سقط على الأرض باكيا.
- سامحيني يا ست فيولا، والله لم أقتله. ولو كنت أعرف مكان دفنه لقلت لك. لقد كلفوني بخطفه، قالوا لي إنه يحرض على رئيس البلدية المسلم وأنه مسيحي كافر وأنهم يريدون إخافته حتى يتوقف عن ملاحقة رئيس البلدية بمقالاته. وعندما اختطفناه أنا وشخص آخر مفيد عبد السلام. انتهت مهمتنا وقد عرفت لاحقا أنه قتل ودفن في مكان سري، لم أقتله، لم أشارك بقتله ولا دفنه، وعندما جاءك الهاتف من عطية، خفت عليك أن يؤذيك، ولم أعرف أين لقاؤك بهم فلحقت بك في سيارة تاكسي صباح أمس وعندما شاهدت عطية يصعد إلى سيارتك عرفت أنه هو لأني أعرف أنه من رجال رئيس البلدية السابق. ومن شدة خوفي عليك توجهت فورا إلى الشرطة واعترفت لهم بكل شيء.
كانت فيولا تستمع إلى كلماته، وهي تذرف الدموع على زوجها سمير.
- كل هذا التآمر عليك يا سمير يا مسكين! لماذا؟ ماذا فعل لكم.
قال حسان:
_ أرجوك سامحيني، لقد عاقبني الله قبل أن تعاقبني الحكومة، لقد اعترفت لهم لحمايتك. أنا مذنب وليس لي سوى أن تسامحيني، أرجوك دافعي عني، ليس عندي فلوس لأوكل محاميا. ليس لأولادي من معين.
أعرف كم ذرفتِ الدموع من أجل سمير، نستحق الجلد، نستحق القتل لكن قلبك كبير. بحق المسيح وتعاليمه السمحة سامحيني.
- الآن تتذكرون تعاليمه السمحة؟
- كنت أداة طيعة أنفذ الأوامر.
قال له المحقق:
- حتى لو سامحتك ستنال عقابك قم وعد إلى زنزانتك، ساعده أيها الشرطي.
- لكنك وعدتني أن تساعدني.
- ستخفف عنك المحكمة الحكم لأنك أدليت بشهادتك كلها ضد المجرمين.
بعد شهر استقلت فيولا سيارتها وذهبت مع ابنتها إلى بيت حسان، استقبلتها زوجته وسألتها من تكون؟
فقالت لها:
- أنا المحامية فيولا التي كان يعمل لدي زوجك حسان.
- أنت زوجة الصحفي سمير؟ الله يرحمه.
ثم بدأت تبكي، وتقول:
- والله العظيم لم يقتله، لعن الله من كان السبب.
قالت لها فيولا:
- لا تبك، جففي دموعك، جئت أعطيك ما تركه حسان لك.
ثم ناولتها مغلفا. سألتها زوجة حسان:
- ما هذا، لم يقل لي حسان شيئا، لقد زرته قبل يومين.
- ربما أراد أن يجعلها مفاجأة لك.
فتحت المغلف، ثم بهتت.
- فلوس!! فلوس كثيرة واحنا ما عندنا شيء نأكله. لا هذا ليس من حسان، لا نستحق كل هذا...
- اسمعي وبلاش تضيعي وقتي. ديري بالك على أولادك ولما تزوري حسان ابقي اشتري له شوية كباب معاك.
- أنا مش مصدقة عيني، روحي الله يجمعك مع سمير في جنات النعيم.
في الطريق إلى البيت سألتها ابنتها.
- لماذا تفعلين هذا يا ماما؟ أنت تكافئين قتلة بابا.
- لا يا ابنتي أنا لا أكافئهم، لكني أعمل بتعاليم المسيح التي كان ينادي بها أبوك سمير.
- لا أستطيع أن أفهم هذه التعاليم أنا أؤمن بأنهم يجب أن يموتوا كلهم، يجب قتلهم كما قتلوه، يجب تعذيبهم كما عذبوه.
في جلسة المحكمة النهائية، وقفت المحامية فيولا لتعلن أمام هيئة المحكمة.
سيدي القاضي، لقد زارني زوجي سمير يوم أمس في المنام وعاتبني قائلا: «لماذا تحاكمون أعدائي؟ أطعموهم واسقوهم واعفوا عنهم، أنا سامحتهم، إن كانوا يريدون خدي الأيسر ليصفعوه فها أنا أقدمه لهم.
وشكرا لإصغائكم.»
وقف المدعي العام يعلق على الموضوع قائلا:
- سيدي القاضي، هؤلاء القتلة يجب أن ينالوا جزاءهم، لقد سامحتهم زوجة القتيل السيدة فيولا، وهي حرة في ذلك، فقد يغفر لهم الله عندما يحاسبهم في الآخرة. لكن في الدنيا يجب إنزال أقصى العقوبات بهم لأنهم أثاروا الفتنة بين أبناء الشعب الواحد وأساءوا لديننا الحنيف. ولكم في الحياة قصاص يا أولي الألباب.
سيدي القاضي مع مراعاة ما قدمه لنا السيد حسان من معلومات لولاها لما توصلت النيابة إلى قتلته فإنني أطالب إنزال العقوبة القصوى بهم والإعدام ضد رئيس البلدية السابق. فحياة المواطنين مقدسة ومن قتل نفسا بريئة بغير حق كأنما قتل الناس جميعا....
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
ليلة التوبة .. ؟؟
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» "ليلة سوداء" قصة قصيرة مرعبة للكاتب المشهور عبد الوهاب السيد

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات متارسوس :: المنتـــدى الادبـــي :: القصص والروايات-
انتقل الى: